كلية الشريعة والقانون

المستجدات

لقاء علمي لقسم الشريعة بكلية الشريعة والقانون

تحت رعاية عميد كلية الشريعة والقانون سعادة الدكتور مرزوق بن أحمد السهيل، ووكيل كلية الشريعة والقانون سعادة الدكتور عبد المجيد بن موسى بن جديد وضمن أنشطة قسم الشريعة العلمية تم اليوم الثلاثاء الموافق 14/7/1443ه بقاعة الاجتماعات بالقسم اللقاء العلمي الأول لأعضاء هيئة التدريس بالقسم، والذي يتمحور حول عدة قضايا علمية وثقافية، وكان محور لقاء اليوم مع سعادة الدكتور الشيخ: سعد بن مقبل العنزي، الأستاذ المشارك بالقسم، حيث تناول اللقاء التعريف بأطروحته العلمية لمرحلة الماجستير والتي كانت بعنوان: دلالة السياق وأثرها في تفسير النص الشرعي دراسة أصولية.

وقد أثري اللقاء بمشاركة أعضاء هيئة التدريس بالمناقشات والمداخلات والنقد البناء الهادف.

وكان من أهم نتائج الرسالة ما يلي:

1- الفقهاء والأصوليون هم من أوائل المحتضِنين للدراسات اللغوية التي تدور حول الألفاظ ومعانيها، فلا تجد أثرا أصوليا إلا وجدت بين يديه بحثا لغويا. وهم أجدر من عُني بإشكالية اللفظ والمعنى تاريخياً، وذلك لارتباطها بالحكم الشرعي، الذي يراد فهمه وتطبيقه؛ لأن موقع الأصوليين في البناء العام للثقافة الإسلامية، اتسم بخصوصية متميزة، إذ على عاتقهم وُكِل أمر التعريف بالقانون العام لاستثمار الأحكام. فكانوا في منهجهم أشد حرصا من اللغويين في ضبط مدلولات العبارة، وتطبيق معاني الألفاظ. ووضعوا من معايير الضبط والفهم للنص مالم يتسنى لغيرهم. وتجاوز هذه المنطلقات والأسس, تعطيل للنص, وهو ما وقع من التيارات الفكرية القديمة من أهل الأهواء والبدع التي تنكبت منهج السلف كالمعتزلة والخوارج والمرجئة والرافضة وغيرهم, أو ما يقع الآن في عصرنا على أيدي العصرانيين والحداثيين ودعاة التغريب من الدعوة إلى إعادة قراءة النص الشرعي في ضوء مناهج لا علاقة لها بلغة القرآن، ولا بمراد الله ورسوله، ولا بفهوم الصحابة والتابعين, وأئمة الدين المعتبرين، وإنما هي قراءات متأثرة بالفكر الفلسفي الغربي القائم على جذور الفكر اليوناني الوثني, والتي تحول النص الشرعي المقدس إلى نص بشري قابل للنقد والقبول والرفض.

2- مفهوم السياق في اللغة: تتابع الشيء على نسق واحد حسا أو معنى, أما مفهومه عند أهل الأصول فليس هناك تعريف واضح المعالم يمكن الاعتماد عليه في تصور حقيقة دلالة السياق, والتعريف المختار هو" أنها فعل القرائن الدال على المقصود في الخطاب الشرعي".

3- للسياق عند الأصوليين وغيرهم مسميات مرادفة تؤدي نفس معناه، كلفظ المقام، ومقتضى الحال، والقرينة وغيرها.

4- استعمال الإمام الشافعي لدلالة السياق، في كتابه (الرسالة) هو أوضح برهان على عراقتها في الدرس الأصولي، ومن ثم لم ينقطع نسبها بعلم الأصول، بل حظيت كما حظي غيرها من المسائل الأصولية باهتمام الأصوليين.

لذا فإن التردد الحاصل عند بعض الباحثين المعاصرين، في عدم الجزم بنسبة هذه الدلالة لعلماء الإسلام، يعود إلى عدم التفريق بين النظرة الأصولية للسياق عند المسلمين، وبين النظرة اللغوية المجردة عند الغرب.

5- تقسيم دلالة السياق إلى سياق مقال وسياق حال هو قريب من تقسيم القرائن عند الأصوليين، ولا يبعد كثيرا عما تمخضت عنه أبحاث المعاصرين من تقسيم السياق إلى سياق نص، وسياق موقف، ولا يظهر ثمة فرق يذكر من حيث التطبيق.

6- التلازم بين سياق المقال وسياق المقام هو الحارس الأمين للنص الشرعي من غلواء الفهم إفراطا أو تفريطا, وأن الفصام النكد بين قسمي السياق, له آثاره الخطيرة على المستوى العلمي والفكري.

7- لكل سياق مقالي، أو سياق مقامي سباق ولحاق، لأن هذا ينسجم مع المدلول اللغوي لكل من السباق واللحاق، إذ ارتباط كل منهما بالكلام لا يلزم أن يكون حسيا بل قد يكون حسيا، وقد يكون معنويا، وهذا يعطي هذين المصطلحين بعدا دلاليا واسعا لا يضيق ذرعا بكافة القرائن اللفظية، وغير اللفظية. ولهذا جاء اهتمام الأصوليين بالقرائن الحالية السابقة، كأسباب النزول للآيات، أو أسباب الورود للأحاديث، أو القرائن الحالية اللاحقة، كتصرفاته صلى الله عليه وسلم التي تأتي بيانا لمجمل القرآن، خير شاهد على أنَّ السباق واللحاق هما جزءا السياق بنوعيه: المقالي والمقامي.

8- لدلالة السياق فوائد جمة: من الكشف عن معاني النص, والإفصاح عن مقاصد الشارع, والترجيح بين الأقوال, وتنوع الدلالة, وحراسة المعنى وغير ذلك من الفوائد.

9- دلالة السياق من الدلالات التي يحتج بها, لشهادة النقل, وصحيح النظر على ذلك. فشواهد الكتاب والسنة, وانعقاد الإجماع, مع دلالة العقل, والعادة والاستقراء قد قررت حجيتها.

10-منشأ الاعتراض على حجية دلالة السياق ينحصر في ثلاثة أمور:

  • عدم تصور طبيعتها, ومن هنا نشأ الخلط بينها وبين دلالة الاقتران, وبينها وبين دلالة المفهوم. وهذا جوابه في تعريفها, وبيان أثرها في هاتين الدلالتين.
  • استبعاد انضباطها. وهذا جوابه في عرض الضوابط التي تضبط الاحتجاج بها.
  • ضعفها. والجواب عنه يكمن بعرض الموانع التي لا ترقى معها إلى مستوى الاحتجاج.

 

11- دلالة السياق لها ضوابطها العامة التي تشترك فيها مع بقية دلالات الألفاظ كاعتبار لغة العرب, واعتبار مراد المتكلم في النصوص الشرعية وهو الله تعالى ورسوله e واعتبار حال المخاطب وهم الصحابة.

فالدلالة لابد أن تكون معتبرة لتعين على الفهم الصحيح, لأن الراصد لكثير من التأويلات البعيدة في النصوص الشرعية, ولا سيما العقدية منها يلحظ أن من أهم أسبابها هو الاعتماد على القرينة العقلية, وذلك بمعزل عن هذه الضوابط.

فالأصل الاعتماد على القرائن اللفظية المتمثلة في لغة العرب, والقرائن المقامية المتمثلة في غرض المتكلم وحال المخاطب, وإن احتيج إلى القرينة العقلية, فلا بد أن تكون بمعونة من قرائن المقال, وقرائن الحال, حتى لا يترك المجال مفتوحا للعقل القاصر, ليتحكم بمفرده في فهم النصوص دون ضوابط.

12- لدلالة السياق ضوابطها الخاصة التي تسهم في بينونتها عن بقية الدلالات, وتحفظ لها بنيتها الدلالية, كي لا تتداخل مع غيرها.

العودة ...